• Police in Bahrain: a terrorist gang!
  •   شاهد بالفيديو : أصوات الشبكة تعري النظام البحريني
  •  والد الذبيح نعمة يكشف تفاصيل تصفية أبنه بالرصاص

ملف ساحة الشرفاء : قميص أبو الفتح وصليل سيوف الكراهية

الاثنين، 17 أكتوبر 2011 التسميات:
مـلــف سـاحـة الـشـرفـاء




مرآة البحرين تفتح ملف ساحة الشرفاء: سيوف الكراهية


7مارس/ آذار 2011، تذكروا هذا التاريخ جيداً، ضموه لقائمة التواريخ المفصلية التي لا تُنسى. هذا التاريخ لا يقل أهمية عن تاريخ 14 فبراير، ولايقل خطورة عن تاريخ 17 فبراير أو 16 مارس. لقد دشن عنواناً جديداً من عناوين المرحلة، وأسس تشكيلاً جديداً، وخطاباً جديداً، وحضوراً جديداً، دشّن ساحة غريبة على المجتمع البحريني المسالم بطبعه، أسمت نفسها بـ(ساحة الشرفاء).

ما هي ساحة الشرفاء؟ ومتى ظهرت؟ وكيف تطوّر وجودها؟ ومن يديرها؟ وما هدفها؟ وما وظيفتها؟ وما خطابها؟ ومن خطبائها؟ وما الذي استحدثته في الساحة البحرينية؟ وعلى ماذا أسست؟ وما الذي أنجزته في شارعها؟ وهل هي مظهر آخر من مظاهر تجمع الفاتح،  وما علاقتها به؟

تساؤلات حملتها معها مرآة البحرين، وهي تفتح ملف بحثها حول هذا المكان وهذا التجمع، وراحت تبحث عنها في سيناريو الأحداث الذي بدأ بها وانتهت إليه. عبر حلقات، ستحرص مرآة البحرين أن تضعكم  في تسلسلها عبر رسم سيناريوها، موثقاً برصد الأحداث والوقائع والتداعيات التي بدأت منذ تاريخ 7 مارس 2011.





ساحة الشرفاء: قميص أبو الفتح (الحلقة الأولى)



ساحة الشرفاء: قميص أبو الفتح - الحلقة الأولى

7 مارس/ آذار 2011، تذكروا هذا التاريخ جيداً، ضموه لقائمة التواريخ المفصلية التي لا تُنسى. هذا التاريخ لا يقل أهمية عن تاريخ 14 فبراير، ولا يقل خطورة عن تاريخ 17 فبراير أو 16 مارس. لقد دشن عنواناً جديداً من عناوين المرحلة، وأسس تشكيلاً جديداً، وخطاباً جديداً، وحضوراً جديداً، دشّن ساحة غريبة على المجتمع البحريني المسالم بطبعه، أسمت نفسها بـ(ساحة الشرفاء).

ما هي ساحة الشرفاء؟ ومتى ظهرت؟ وكيف تطوّر وجودها؟ ومن يديرها؟ وما هدفها؟ وما وظيفتها؟ وما خطابها؟ ومن خطبائها؟ وما الذي استحدثته في الساحة البحرينية؟ وعلى ماذا أسست؟ وما الذي أنجزته في شارعها؟ وهل هي مظهر آخر من مظاهر تجمع الفاتح،  وما علاقتها به؟

تساؤلات حملتها معها مرآة البحرين، وهي تفتح ملف بحثها حول هذا المكان وهذا التجمع، وراحت تبحث عنها في سيناريو الأحداث الذي بدأ بها وانتهت إليه. عبر حلقات، ستحرص مرآة البحرين أن تضعكم  في تسلسلها عبر رسم سيناريوها، موثقاً برصد الأحداث والوقائع والتداعيات التي بدأت منذ تاريخ 7 مارس 2011.
****

تنويه قبل البدء في القراءة..
في هذا الملف ستكون مرآة البحرين مضطرة إلى الإشارة إلى الهوية المذهبية للبعض، وهو ما لا يتلائم مع خطها النابذ للتعريفات غير الوطنية، لكنها هنا، ستخالف ذلك إلى حد ما، وذلك بسبب أصل تكوين ساحة الشرفاء وخطابها، وبسبب أهمية ذلك في قراءة هذا الملف وفهم خلفياته.
****

البداية..
المحتجون يعتصمون أمام مبنى المرفأ المالي يرفع كل منهم في يده مبلغ دينار واحد، بعد أن كشفت وثيقة رسمية عرضتها المعارضة، أن رئيس الوزراء ابتاع الأرض التي يقوم عليها المرفأ بسعر دينار واحد فقط. المحتجون في دوار اللؤلؤة تحركوا نحو المرفأ المالي وقاموا بالاعتصام منذ ساعات الصباح الأولى بمحاذاة شارع الملك فيصل بالعاصمة المنامة، وشيدوا خيمة، ورفعوا شعاراتهم المطالبة بإسقاط الحكومة.
الساعة الخامسة والربع عصراً، يتفاجأ المحتجون بسيارة سوداء اللون من نوع تويوتا برادو، تترك الطريق السالكة خلف المتجمهرين، وتشق طريقها وسطهم (1)، تقودها سيدة في العشرينيات من عمرها، يقول أحد الشهود: " فوجئنا بدخولها بيننا، كان واضحاً أنها تعمدت ذلك، ثم هاجمتنا بألفاظ نابية، البعض أدرك من فوره أن ذلك عمل متعمد بقصد الاستفزاز فتنحى من فوره، البعض رد عليها، صارت مشادة كلامية بينها وبين أحد المعتصمين فبصقت عليه، ما أثار حفيظة المحتجين.

من فورهم قام المنظمون وبعض الشباب بضبط المتجمهرين، ورددوا: سلمية سلمية، فردد الجميع ذلك. لكن المدعوة أمل أبو الفتح، الموالية للنظام، قامت بالتلويح بيدها على المعتصمين قائلة: مالت عليكم". أكثر من مقطع فيديو تم تنزيله على اليوتيوب، يظهر كيف عمل المتجمهرون على احتواء الاستفزاز وعدم الانجرار له، في واحد من هذه المقاطع، يظهر أحدهم وهو يقوم بإبعاد الجميع عن طريق السيارة صارخاً: فتنة طائفية فتنة طائفية (2). سرعان ما عمل المحتجون على تشكيل سلسلة بشرية من الجانبين لمنع أن يتعرض لها أحد، ولتسهيل مرور السيارة، بدورهما قام اثنان من المنظمين على التحرك أمام السيارة لإخلاء الطريق وتسهيل عبورها، لكنها داست الفرامل بقوة وصدمت المنظمين اللذين كانا يؤمنان لها الطريق، وأوقعتهما أرضاً، ولاذت بالفرار (3). الإصابتان كانتا متوسطتين، تم أخدهما من فورهما إلى المستشفى.
البعض حاول إظهار الحادث على أن الجانية "تعرضت لمضايقات وكلام بذيء بسبب وجود صورة لأحد القادة السياسيين في البلاد على إحدى نوافذ السيارة" كما صرح بذلك جارها لصحيفة الوسط، لكن جميع اللقطات التي تم تصويرها من جميع الجهات تظهر أنه لم تكن هناك أية صورة على سيارتها أصلاً، ما يجعل من زعم التعرض لها هي تحديداً من بين كافة السيارات التي كانت تعبر ذهاباً وإياباً غير مقنع. وفيما قال البعض إنها كانت خائفة ومرتبكة من التجمهر الكبير الذي كان يحيط بها من الجانبين، ويبرر الدهس الذي قامت به أنه بسبب ارتباكها، فإن صوراً ملتقطة لها تظهر الفتاة بعكس ما وصفت به من الارتباك، فهي كانت تشاكس المتجمهرين، وتلوّح عليهم بيدها بحركة تقصد الإهانة وهي تقول: مالت عليكم، ثم تمضي بوجه يحمل الكثير من الاحتقار والإزدراء، ولو كانت تشعر بالخوف والارتباك لما تمكنت من فعل ذلك.

في منتديات مملكة البحرين الموالية للنظام، كتبت إحدى المشاركات "محد يقدر يقول الصج الا اللي كان في مكان الحادث بالضبط، اما احنا سواء شيعة او سنة ما نقدر نحلل على كيفنا ولكن مع وجود الفيديو والصور الحالية الواضح انها كانت السبب، ولا احد يدافع عنها لان يبين كانت مقهورة على البحارنة و مظاهراتهم ومن القهر دعمت الشباب الموجودين والقهر اللي فيها ما يبرر لها انها تدوسهم مهما كان لانهم بشر وحرام قتل النفس بهاي الطريقة، انا سنية ومب راضية بالمسيرات الزايده اللي ما لها معنى بس ما اجوف له داعي انها تأشر لهم بيدها وبحركة ( مالت عليكم ) وبعدين تدوسهم بهذي الطريقة حرااااام، اتمنى ان ما تعمدت تدوسهم لان لو اثبتوا هالشي راح تنسجناكيد الصور والفيديو تبين انها لم تتعرض للضرب ولكن هي الغلطانة والله العالم " (4) منتديات مملكة البحرين الموالية.

قبل أن تصل أبو الفتوح بيتها، كان اسمها كاملاً ورقم هاتفها وعنوان منزلها في منطقة البسيتين، قد انتشر بالكامل عبر وسائل التواصل المجتمعي. أما كيف حدث هذا وبهذه السرعة، فذلك أمر فيه شيء من الغرابة؟ من الذي سرب المعلومات بهذه السرعة؟ وما الهدف من تسريب هذه المعلومات؟  "ما أنا متأكد منه أن هذه المعلومات انتشرت عبر الهواتف الذكية لأنها وصلتني، فكان نشر عنوان الفتاة بمثابة الإشارة إلى الذهاب إلى بيتها" يقول أحد سكنة منطقة البسيتين.

(أبو الفتوح) التي دَهَسَت، لا من قامت بدهسهم، هي من توجهت من فورها إلى شرطة محافظة العاصمة، لا لتقرّ بجنايتها في دهس مواطنين اثنين كانا يفسحان لها الطريق لتعبر بسلام، بل لتقدم بلاغاً عن اعتداء المتجمهرين عليها وإتلاف أجزاء من سيارتها، الأمر الذي -حسب زعمها- أصابها بالخوف على سلامتها. مدير عام شرطة محافظة العاصمة صرّح بذلك، وأضاف أنه تم تحرير محضر بالواقعة، وأنه قد تبين إصابة شخصين من المتجمهرين أثناء محاولة الفتاة التحرك بسيارتها (صحيفة الوسط 8 مارس 2011). إلا أن أي إجراء لم يتخذ ضد الجانية، لم يتخذ حتى منذ ذلك التصريح، وفي الحقيقة، لم يطالب بذلك أي من المواطنين المدهوسين، الذين لم يقبلا أن تتعرض فتاة في مجتمعهما لأي نوع من الأذى، واحتسبا دهسهما عند الوطن، وعند درء الفتنة الطائفية التي كانت تُشم ريح  تتعمد تأجيجها.

الأمر لم يقف بالمحتجين عند التغاضي عن حادثة الدهس والبصق والإهانة، بل أنهم قاموا في اليوم التالي الثلثاء (8 مارس/ آذار 2011)، بإرسال باقة ورد إلى أبو الفتوح، مفترضين منها عدم القصد فيما قامت به من فعل الدهس، ومعربين عن إبقائهم على الأصل الذي يربط بين الجميع في هذا الوطن مهما اختلفت الآراء والتوجهات السياسية، وتأكيداً على الوحدة، ورفض الشقاق والخلاف والكراهية، أن تأخذ طريقها بين أبناء الوطن الواحد، فيما قام آخرون بالاتصال بأبو الفتوح من أجل تطييب الخواطر، كي لا يعلق في النفس ما يفرق بين أبناء الوطن الواحد.

كان هذا ما بدر من جانب المحتجين الذين تعرضوا للإهانة والبصق والدهس على يد فتاة اقتحمت بسيارتها عمداً وسط المتجمهرين،  فعلوا ذلك من أجل الإبقاء على الوحدة أصلاً غير قابل للمساومة في هذا الوطن، فكيف كان الأمر في الجانب الآخر؟ وماذا كان ينتظر هناك عند مدخل منطقة البسيتين؟
نكمل في الحلقة التالية.


  1.  يوتيوب يظهر تعمد مرور الفتاة بين المتظاهرين بدلاً من الجهة الفارغة
  2. يوتيوب يظهر أحدهم يصرخ مبعداً المتجمهرين عن سيارة أبو الفتوح: فتنة طائفية فتنة طائفية
  3. يوتيوب فيديو دهس احد المنظمين - بالحركة البطيئة
  4.  تعليق مشاركة من الطائفة السنية على الحدث، منتديات مملكة البحرين



.................................................


ساحة الشرفاء: الحلقة الثانية - صليل سيوف الكراهية




مرآة البحرين (خاص): هل كان اقتحام الفتاة لاعتصام المتجمهرين عند مرفأ البحرين المالي مصادفة أم أنه حدث مُدبّر؟ هل هو تصرّف شخصي أم مفتعل؟ كيف نفسَّر انتشار بيانات الفتاة كاملة مع عنوانها ورقم هاتفها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد أقل من 30 دقيقة من وقوع الحدث؟ من الذي قام بنشر البيانات كاملة بهذه السرعة؟ ومن يملكها غير وزارة الداخلية؟ وما الهدف من وراء ذلك النشر؟ لا يمكن الجزم بالإجابة على أي من الأسئلة السابقة لأنها متعددة الأوجه، لكن الحدث الذي ينتظرنا في هذه الحلقة، يكشف لنا عن بعض هذه الأوجه.

تناولنا في الحلقة السابقة
، رد فعل المعتصمين المباشر والفوري، على شتم الفتاة ودهسها لاثنين من المنظمين. كان رد الفعل باقة من الورد، واتصال هاتفي لتأكيد إبقاء الأخوة ودرء الفتنة الطائفية. بالمقابل تساءلنا عما ينتظرنا في الطرف الآخر.

■ فزعة الطائفة

خلال ساعة واحدة من الحدث الذي وقع بين الساعة الخامسة والنصف والسادسة مساء، كانت الرسائل الهاتفية والالكترونية تنادي بـ(فزعة أهل السنّة) للدفاع عن (ابنة الطائفة). الفزعة شملت كل من منطقة البسيتين التي تقطنها الفتاة، والمحرق والرفاع وقلالي والمناطق الأخرى المحسوبة على الطائفة السنية. الرسائل تدّعي أن الشيعة (هاجموا) فتاة مرت (مصادفة) عند المرفأ، بسبب وضعها (صورة للقيادة) على سيارتها، وأنها (ارتبكت) فدهست، وأن (الشيعة) يعتزمون الهجوم على بيتها بعد أن نشروا عنوانها. وضعنا بين قوسين الكلمات التي ظهر ضعف صدقها في الحلقة السابقة. من خلال هذه الفزعة، بدا واضحاً أن تهييجاً طائفياً متعمداً كان يُعد له. ولأن الجماهير لا تعبأ بتقصي الحقائق بقدر ما تستجيب للشحن، فقد كان الهياج هو رد الفعل المباشر من الجماهير المشحونة طائفياً أصلاً. "بدأ التجمع يزداد عند الساعة التاسعة مساء، مع الكثير من الإشاعات بأن حافلتين من الدوار قصدتا البسيتين وأن الشرطة أرجعتهما، فكثر تجمع حاملي الهراوات والسكاكين، وصارت الساحة كأنها مدخل للمنطقة" ينقل لمرآة البحرين أحد قاطني منطقة البسيتين قريباً من الساحة.
■ سيوف متشابهة

كيف كان شكل هذا التجمع؟ شاهدة عيان من سكنة المنطقة وتنتمي إلى المذهب السني، تصف لمرآة البحرين ما شهدته بالكامل: "كنتُ في سيارتي عائدة إلى بيتي الذي يقع في منطقة البسيتين. عند المدخل تيبَّست مكاني واجمة وصرخت: ما هذا؟  أكثر من 1000 شخص يحملون السيوف والسواطير والأسياخ الحديدية والألواح الخشبية ويرفعونها كمن يستعد للهجوم على عدو في حرب، منظر لم أره في حياتي من قبل، كانت السيوف ذات سطح عريض ولامع، بدت جديدة ومتشابهة وكأنها صُنعت على يد حدّاد واحد وأحضرت للتو وتم توزيعها، تساءلت في نفسي من أين أتى الناس بكل هذه السيوف المتشابهة دفعة واحدة؟ كانت تلمع في يد الصبية كأنها سهام من شر".  ثم تضيف "كانوا يصرخون بطريقة هستيرية، ويقومون بتفتيش السيارات التي تأتي عند مدخل البسيتين، يفتشونها واحدة واحدة بحثاً عن شيعي يخطر من هنا. حركة السيارات توقفت تقريباً لشدة الازدحام. رحت أطالع في وجوه المسلحين وأتفرس فيها جيداً، لم أصدق ما أرى، بينهم جيراننا وأبناء جيراننا، صبية أراهم كل يوم يسيرون نحو مدارسهم مرتبين مهندمين، الليلة يحملون سيوفاً أطول من أعمارهم، تفرّست في وجوههم لأصدق ما أرى، لم تكن وجوههم تشبههم، كانت كراهية خالية من الوجه، كراهية تكفي وحدها أن تحرق بلداً، من أين أتت كل هذه الكراهية؟ كنت أرتجف ".

■ صِبْية الدير

في الأثناء، كانت سيارة يركبها 6 شبان من الدير، وهي إحدى مناطق المحرق أيضاً، تتراوح أعمارهم بين 18-21 سنة، خارجين من محطة بنزين البسيتين، سالكين أقرب الطرق المؤدية إلى منطقتهم، وهي طريق تمر عبر هذا الشارع. لم يكونوا يعرفون ما ينتظرهم. سيتفاجأ هؤلاء بعشرات المتجمهرين يقومون بإيقافهم، يسألونهم عن وجهتهم. يقول شاهد عيان من المنطقة "سمعت الصبية يجيبون أنهم ذاهبون إلى منازلهم، لا أعرف ما الذي أتى بهؤلاء في هذا المكان في هذا الوقت، لقد حاولو الخروج، لكن لم يكن دخول البسيتين في تلك الليلة مثل الخروج منها، لقد تنادى المتجمهرون على السيارة  وبدؤوا بضرب السيارة، كان الصبية في روع وذهول شديد مما يحيط بهم، فحاولوا الهرب بسيارتهم، لكنهم اصطدموا بسيارة واقفة، فقفز عليهم مئات المتجمهرين، ودارت بنا الأرض".

شاهدة (المرآة) لا تزال واقفة في اكتظاظ السيارات حينها، وقد حدث الهجوم على سيارة الصبية أمامها مباشرة. تكمل روايتها لمرآة البحرين: "تحركت سيارة صبية الدير لتنجو بنفسها، وحاولت المرور من فرجة صغيرة صارت جهة اليسار، مازلت أذكر وجه الصبي الجالس في الأمام والرعب المرسوم على وجهه، تحركت السيارة بعصبية وارتباك ظاهر، وصدمت أحد جوانب سيارة بيضاء متوقفة بسبب الارتباك الشديد"، وتضيف مذهولة "إن هي إلا لحظة، ورأيت أحد المتجمهرين من الشباب جاء يركض من الخلف، ركب من فوره فوق السيارة، وراح يكسرها باللوح الخشبي الذي كان يحمله بيده، لحق به العشرات، هجموا جميعهم فوق السيارة يضربون كل بما في أيديهم، سيوف وسواطير وأسياخ حديدية وألواح خشبية، اختفت السيارة تحت الهجوم، لم أر غير السيوف والأخشاب تتعالى وتقع فوق السيارة، تراكض بعض الرجال الذين كانوا في موقع الحدث لتخليص الصبية من يد المتجمهرين قبل أن يقلتوهم، تم الهجوم على الصبية كمن يهاجم عدو ينشده منذ زمن، ضربوهم بكل ما في أيدهم من قوة ومن سلاح، بعد معركة من طرف واحد تمكن البعض من تخليص الصبية من يد الموت بعناء ومشقة، وتم أخذهم من فورهم إلى المستشفى، كانت ليلة رعب لم أعش مثلها في عمري، ولن أنساها أبداً". كان ذلك بعد الواحدة والنصف ليلاً.

■ رجااااااال

رجل تجمع الفاتح (ناجي العربي) كان هناك أيضاً، جاء يمثل تجمع الفاتح في تهدئة متجمهري البسيتين، لكنه بدلاً من شحن النفوس بالوحدة والتهدئة، خصوصاً مع عدم وجود أي توجه أو محاولة من طرف المحتجين للمجيء نحو بيت الفتاة، أطربته الكثرة، وراح يشحن رجولة سيوف الحرب الموهومة، ويغذي نقص الاعتراف عند حامليها. كان يبدأ بالتهدئة، ثم ينزلق سريعاً نحو التهييج، يصرخ محمّساً عزة السيوف (لا عزّة الرجال) قائلاً: لدينا رجاااااااااااال. فكان صراخ أصوات الحرب تعلو أكثر، وكانت السيوف الفارغة من رجال الوطن، والصارخة باسم رجال الطائفة، ترتفع أكثر (1)، وكان حماس حماس الحرب مع (لا أحد) يشتط ويشتد، وينتهي بزهو الانتصار على هذا اللا أحد.

في منتدى "أنا المسلم" الالكتروني، يعرّف أحد المشاركين نفسه بـ(بهاء الدين السماحي)، ويضع علم "تنظيم القاعدة" بروفايلاً شخصياً له، كتب يفتخر بطعم العزة التي ذاقها لأول مرة بمشاركته تلك الليلة: "لقد نزلت لأشتري ساطورا أتسلح به، ففوجئت بأن جميع المحلات الكبرى (المنتزه، آخر فرصة، ميجا مارت، ميدوي، رامز، ستي سنتر، جيان) لم يعد بها أي سكاكين نهائيا إلا سكينا طوله 12 سم فقط ... المهم أخوكم ذهب لورشة حدادة واشتريت منها عصا حديدية طولها متر و20سم واتجهت إلى حي البسيتين التابع لمدينة المحرق وظللت مع إخواني السنة مرابطين حتى قبل نصف ساعة من الآن، ورأيت في هذا المكان شجاعة إخواني، فذقت طعم العزة لأول مرة منذ زمن طويل حتى كدت أن أنساها، والجميل في الأمر أن تلاميذي في المدرسة الثانوية قد خرجوا عن بكرة أبيهم وأحدهم معه منشار والآخر مطرقة وآخر خشبة غليظة وآخر خنجر وآخر حديدة والكل يقسم أنهم لو رأوا الروافض ستكون البسيتين مقبرة لهم ثم تركت هناك ما لا يقل عن ألفين من إخواني السنة وننتظر رسالة من أي أحد نفزع لهم مرة أخرى".(2)

■ حرب الروافض

في هذا المنتدى، ستكون كلمة "الروافض"، هي التسمية الأكثر تأدباً عند الحديث عن الشيعة. كان العنوان الذي جاءت تحته تلك المداخلة  هو "بدأت معارك البحرين والاستعداد للحرب الأهلية". امتدت المداخلات على هذا الموضوع طوال 42 صفحة، ليس من بينها مداخلة تشت بتوجهها عن هذا: الاستعداد للحرب الأهلية. تتخللها دعوات لاستدعاء جماعات الجهاد من السعودية.  هناك ستجد المشاركين يحتفون بما أسموه بدء الحرب الأهلية، ويحتفلون بالاستعداد لها، وكأنها أمنيتهم المؤجلة، وكأن بشائر تحقيقها للتو بدأت تترآ لهم، وستسأل نفسك متعجباً وأنت تقرأ: هل هؤلاء بحرينيون فعلاً؟. أعلام القاعدة  هي ما يزين معظم بروفايلات الأعضاء، وعموم اللغة هي التعطش الشديد لحرب تبيد (الرافضة) وتمزقهم كل ممزق.

أما محرقاوي (مشارك آخر)، فكان مزهوا بالانتصار على المجوس (يعني الشيعة)، رغم أنه يعترف أنه لم يأت منهم أحد. يقول في مشاركة تحت نفس الموضوع " فتجمع حوالي ألفي رجل من أهل السنة لحماية منزلها (يعني الفتاة)، و بقوا مرابطين من المغرب حتى صلاة الفجر وهم يكبرون ويهللون وينتظرون هجوماً رافضياً. فلم يدخلها المجوس، وأنى لهم ذلك، ولكن الذي حصل هو دخول سيارة رافضية من الدير ... فأخذهم الشباب السني وضربوها ضرباً مبرحاً، واستطاعوا أن يقتلوهم لكنهم رحموهم كما رحمهم إخوانهم من مدينة حمد، وحتى لا تُستغل الحادثة هذه إعلامياً، فاستدعوا سيارة الإسعاف التي كان يقودها رافضياً، واشترطوا أن ينقل السني أولاً إلى مستشفى العسكري! لا أن يأخذ إخوانه المعتدين من أهل الدير الأنجاس... و كان هذا بمثابة الدرس الصغير للرافضة، و"البروفا" لأهل السنة. ومن الطرائف في هذه الحادثة بأنه كان بعض الشباب يرتدي الزي الأفغاني ويحمل السيوف (3).

الطريفة الأخيرة هذه، تكشف لنا هوية الوطن (الطالباني) الذي يحلم به هؤلاء وينادون باسمه ويحملون سيوف عزتهم في سبيله، كما يكشف لنا عن التكوين الذي قام عليه تجمع ساحة البسيتين التي سيصير اسمها ساحة الشرفاء، وعن التعطش للحرب الأهلية الطائفية التى يتمناها هؤلاء، وأن حادثة الفتاة سواء أكانت متعمدة أم مدبّرة، لم تكن أكثر من (غطاء) يُخفي النية الطالبانية في إشعال هذه الحرب، وأن الدفاع عن الوطن هو (غطاء أكبر) للدفاع عن الطائفة، ولعل مشاركة أخرى تحت نفس العنوان تكشف لنا هذا أكثر، "مهما وصل بملك البحرين من الظلم كما تزعمون فلا يجب أن يُترك، بل يجب أن يلتف السنه حوله، الآن ليس وقت خلافات بل وقت اتحاد في وجه الرافضه... الله يوفقكم ويحقن دماء أهل السنه ويمزق الرافضه كل ممزق" (4).

كان هذا ما حدث في يوم 7 مارس. لكن من الذي جرأ السلفية الطالبانية أن تكشف عن أدوات عنفها وتكفيرها بهذا الشكل الفاقع، وأمام رجال الأمن وبحضورهم؟ من الذي أعطاها الضوء الأخضر؟ هذا ما سنحاول أن نعرفه في الحلقة القادمة. 

هوامش
  1. يوتيوب حمل السيوف في تجمع البسيتين الاول 
  2. منتدى أنا المسلم



0 التعليقات:

إرسال تعليق

كن مع الثورة

 
شبكة اللؤلؤة الإخبارية © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates